![]() |
ذكرى شهاة اولاد مسلم بن عقيل ع 23 ذي الحجة سنة 62 للهجرة
من أولاد مسلم ع
[عزيزى الزائر لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد التسجيلللتسجيل اضغط هنا] إلقاء القبض عليهما1ـ محمّد، وأُمّه جارية، استُشهد في واقعة الطف بين يدي الإمام الحسين(ع). 2ـ عبد الله، وأُمّه رقية بنت الإمام علي(ع)، استُشهد في واقعة الطف بين يدي الإمام الحسين(ع). 3و4ـ محمّد الأصغر وإبراهيم، فرّا في الصحراء وهما صغيران، حينما هجمت خيل عمر بن سعد على مخيّم الإمام الحسين(ع) بعد قتله يوم العاشر من المحرّم عام 61ﻫ. روى الشيخ الصدوق(قدس سره) بسنده عن حمران بن أعين الشيباني(ت: 130ﻫ)، عن أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة، قال: «لمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ(ع) أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ، فَأُتِيَ بِهِمَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ، فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ: خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ، فَمِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا، وَمِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمَا سِجْنَهُمَا. استشهادهماوَكَانَ الْغُلَامَانِ يَصُومَانِ النَّهَارَ، فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أُتِيَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، فَلَمَّا طَالَ بِالْغُلَامَيْنِ المَكْثُ حَتَّى صَارَا فِي السَّنَةِ. قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا أَخِي قَدْ طَالَ بِنَا مَكْثُنَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَفْنَى أَعْمَارُنَا، وَتَبْلَى أَبْدَانُنَا، فَإِذَا جَاءَ الشَّيْخُ فَأَعْلِمْهُ مَكَانَنَا، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ(ص)، لَعَلَّهُ يُوَسِّعُ عَلَيْنَا فِي طَعَامِنَا، وَيَزِيدُنَا فِي شَرَابِنَا. فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَقْبَلَ الشَّيْخُ إِلَيْهِمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ: يَا شَيْخُ، أَتَعْرِفُ مُحَمَّداً؟ قَالَ: فَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ مُحَمَّداً وَهُوَ نَبِيِّي. قَالَ: أَفَتَعْرِفُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ جَعْفَراً، وَقَدْ أَنْبَتَ اللهُ لَهُ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ المَلَائِكَةِ كَيْفَ يَشَاءُ. قَالَ: أَفَتَعْرِفُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(ع)؟ قَالَ: وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُ عَلِيّاً وَهُوَ ابْنُ عَمِّ نَبِيِّي وَأَخُو نَبِيِّي. قَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ، فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(ص)، وَنَحْنُ مِنْ وُلْدِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِكَ أُسَارَى، نَسْأَلُكَ مِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمُنَا، وَمِنْ بَارِدِ الشَّرَابِ فَلَا تَسْقِينَا، وَقَدْ ضَيَّقْتَ عَلَيْنَا سِجْنَنَا، فَانْكَبَّ الشَّيْخُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَيَقُولُ: نَفْسِي لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ، وَوَجْهِي لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ، يَا عِتْرَةَ نَبِيِّ اللهِ المُصْطَفَى، هَذَا بَابُ السِّجْنِ بَيْنَ يَدَيْكُمَا مَفْتُوحٌ، فَخُذَا أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتُمَا. فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ أَتَاهُمَا بِقُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، وَكُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ، وَوَقَّفَهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ لَهُمَا: سِيرَا يَا حَبِيبَيَّ اللَّيْلَ، وَاكْمُنَا النَّهَارَ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمَا مِنْ أَمْرِكُمَا فَرَجاً وَمَخْرَجاً. فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ. فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّيْلُ انْتَهَيَا إِلَى عَجُوزٍ عَلَى بَابٍ، فَقَالا لَهَا: يَا عَجُوزُ إِنَّا غُلَامَانِ صَغِيرَانِ غَرِيبَانِ حَدَثَانَ غَيْرَ خَبِيرَيْنِ بِالطَّرِيقِ، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ جَنَّنَا، أَضِيفِينَا سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ. فَقَالَتْ لَهُمَا: فَمَنْ أَنْتُمَا يَا حَبِيبَيَّ؟ فَقَدْ شَمِمْتُ الرَّوَائِحَ كُلَّهَا فَمَا شَمَمْتُ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَتِكُمَا. فَقَالا لَهَا: يَا عَجُوزُ، نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكِ مُحَمَّدٍ(ص)، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ. قَالَتِ الْعَجُوزُ: يَا حَبِيبَيَّ، إِنَّ لِي خَتَناً فَاسِقاً قَدْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يُصِيبَكُمَا هَاهُنَا فَيَقْتُلَكُمَا. قَالا: سَوَادَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِيقَ، فَقَالَتْ: سَآتِيكُمَا بِطَعَامٍ، ثُمَّ أَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَا وَشَرِبَا، وَلَمَّا وَلَجَا الْفِرَاشَ، قَالَ الصَّغِيرُ لِلْكَبِيرِ: يَا أَخِي، إِنَّا نَرْجُو أَنْ نَكُونَ قَدْ أَمِنَّا لَيْلَتَنَا هَذِهِ، فَتَعَالَ حَتَّى أُعَانِقَكَ وَتُعَانِقَنِي، وَأَشَمَّ رَائِحَتَكَ وَتَشَمَّ رَائِحَتِي، قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ المَوْتُ بَيْنَنَا. فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ وَاعْتَنَقَا وَنَامَا. فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ أَقْبَلَ خَتَنُ الْعَجُوزِ الْفَاسِقُ حَتَّى قَرَعَ الْبَابَ قَرْعاً خَفِيفاً، فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا فُلَانٌ. قَالَتْ: مَا الَّذِي أَطْرَقَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَلَيْسَ هَذَا لَكَ بِوَقْتٍ؟ قَالَ: وَيْحَكِ افْتَحِي الْبَابَ قَبْلَ أَنْ يَطِيرَ عَقْلِي، وَتَنْشَقَّ مَرَارَتِي فِي جَوْفِي، جَهْدَ الْبَلَاءِ قَدْ نَزَلَ بِي. قَالَتْ: وَيْحَكَ مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ؟ قَالَ: هَرَبَ غُلَامَانِ صَغِيرَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، فَنَادَى الْأَمِيرُ فِي مُعَسْكَرِهِ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَمَنْ جَاءَ بِرَأْسِيهِمَا فَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَقَدْ أَتْعَبْتُ وَتَعِبْتُ وَلَمْ يَصِلْ فِي يَدِي شَيْءٌ. فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: يَا خَتَنِي، احْذَرْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَيْحَكِ إِنَّ الدُّنْيَا مُحَرَّصٌ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: وَمَا تَصْنَعُ بِالدُّنْيَا وَلَيْسَ مَعَهَا آخِرَةٌ! قَالَ: إِنِّي لَأَرَاكِ تُحَامِينَ عَنْهُمَا، كَأَنَّ عِنْدَكِ مِنْ طَلَبِ الْأَمِيرِ شَيْءٌ، فَقُومِي فَإِنَّ الْأَمِيرَ يَدْعُوكِ. قَالَتْ: مَا يَصْنَعُ الْأَمِيرُ بِي، وَإِنَّمَا أَنَا عَجُوزٌ فِي هَذِهِ الْبَرِّيَّةِ، قَالَ: إِنَّمَا لِيَ الطَّلَبُ افْتَحِي لِيَ الْبَابَ حَتَّى أُرِيحَ وَأَسْتَرِيحَ، فَإِذَا أَصْبَحْتُ فَكَّرْتُ فِي أَيِّ الطَّرِيقِ آخُذُ فِي طَلَبِهِمَا، فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ، وَأَتَتْهُ بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ. فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ سَمِعَ غَطِيطَ الْغُلَامَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَأَقْبَلَ يَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ الْبَعِيرُ الْهَائِجُ، وَيَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، وَيَلْمِسُ بِكَفِّهِ جِدَارَ الْبَيْتِ حَتَّى وَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى جَنْبِ الْغُلَامِ الصَّغِيرِ. فَقَالَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَصَاحِبُ المَنْزِلِ، فَمَنْ أَنْتُمَا، فَأَقْبَلَ الصَّغِيرُ يُحَرِّكُ الْكَبِيرَ وَيَقُولُ: قُمْ يَا حَبِيبِي، فَقَدْ وَاللهِ وَقَعْنَا فِيمَا كُنَّا نُحَاذِرُهُ. قَالَ لَهُمَا: مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، إِنْ نَحْنُ صَدَقْنَاكَ فَلَنَا الْأَمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالا: أَمَانُ اللهِ وَأَمَانُ رَسُولِهِ، وَذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِ اللهِ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا: وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ وَشَهِيدٌ. قَالَ: نَعَمْ. قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(ص)، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْقَتْلِ. فَقَالَ لَهُمَا: مِنَ المَوْتِ هَرَبْتُمَا وَإِلَى المَوْتِ وَقَعْتُمَا، الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أَظْفَرَنِي بِكُمَا، فَقَامَ إِلَى الْغُلَامَيْنِ فَشَدَّ أَكْتَافَهُمَا، فَبَاتَ الْغُلَامَانِ لَيْلَتَهُمَا مُكَتَّفَيْنِ، فَلَمَّا انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْحِ دَعَا غُلَاماً لَهُ أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ: فُلَيْحٌ. فَقَالَ: خُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ، فَانْطَلِقْ بِهِمَا إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا، وَائْتِنِي بِرُءُوسِهِمَا لِأَنْطَلِقَ بِهِمَا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، وَآخُذَ جَائِزَةَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَحَمَلَ الْغُلَامُ السَّيْفَ فَمَضَى بِهِمَا، وَمَشَى أَمَامَ الْغُلَامَيْنِ فَمَا مَضَى إِلَّا غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى قَالَ أَحَدُ الْغُلَامَيْنِ: يَا أَسْوَدُ، مَا أَشْبَهَ سَوَادُكَ بِسَوَادِ بِلَالٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللهِ(ص). قَالَ: إِنَّ مَوْلَايَ قَدْ أَمَرَنِي بِقَتْلِكُمَا، فَمَنْ أَنْتُمَا؟ قَالا لَهُ: يَا أَسْوَدُ، نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(ص)، هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللهُ مِنَ الْقَتْلِ، أَضَافَتْنَا عَجُوزُكُمْ هَذِهِ، وَيُرِيدُ مَوْلَاكَ قَتْلَنَا. فَانْكَبَّ الْأَسْوَدُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَيَقُولُ: نَفْسِي لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ، وَوَجْهِي لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ، يَا عِتْرَةَ نَبِيِّ اللهِ المُصْطَفَى، وَاللهِ لَا يَكُونُ مُحَمَّدٌ(ص) خَصْمِي فِي الْقِيَامَةِ، ثُمَّ عَدَا فَرَمَى بِالسَّيْفِ مِنْ يَدِهِ نَاحِيَةً، وَطَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْفُرَاتِ، وَعَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَصَاحَ بِهِ مَوْلَاهُ: يَا غُلَامُ عَصَيْتَنِي! فَقَالَ: يَا مَوْلَايَ، إِنَّمَا أَطَعْتُكَ مَا دُمْتَ لَا تَعْصِي اللهَ، فَإِذَا عَصَيْتَ اللهَ فَأَنَا مِنْكَ بَرِيءٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَدَعَا ابْنَهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّمَا أَجْمَعُ الدُّنْيَا حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا لَكَ، وَالدُّنْيَا مُحَرَّصٌ عَلَيْهَا، فَخُذْ هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ إِلَيْكَ، فَانْطَلِقْ بِهِمَا إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا، وَائْتِنِي بِرُءُوسِهِمَا لِأَنْطَلِقَ بِهِمَا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، وَآخُذَ جَائِزَةَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ. فَأَخَذَ الْغُلَامُ السَّيْفَ وَمَشَى أَمَامَ الْغُلَامَيْنِ، فَمَا مَضَيَا إِلَّا غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى قَالَ أَحَدُ الْغُلَامَيْنِ: يَا شَابُّ، مَا أَخْوَفَنِي عَلَى شَبَابِكَ هَذَا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، فَقَالَ: يَا حَبِيبَيَّ، فَمَنْ أَنْتُمَا؟ قَالا: مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ(ص)، يُرِيدُ وَالِدُكَ قَتْلَنَا، فَانْكَبَّ الْغُلَامُ عَلَى أَقْدَامِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا وَيَقُولُ لَهُمَا: مَقَالَةَ الْأَسْوَدِ، وَرَمَى بِالسَّيْفِ نَاحِيَةً، وَطَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْفُرَاتِ وَعَبَرَ، فَصَاحَ بِهِ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ عَصَيْتَنِي! قَالَ: لَأَنْ أُطِيعَ اللهَ وَأَعْصِيَكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْصِيَ اللهَ وَأُطِيعَكَ. قَالَ الشَّيْخُ: لَا يَلِي قَتْلَكُمَا أَحَدٌ غَيْرِي، وَأَخَذَ السَّيْفَ وَمَشَى أَمَامَهُمَا، فَلَمَّا صَارَ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، سَلَّ السَّيْفَ مِنْ جَفْنِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ الْغُلَامَانِ إِلَى السَّيْفِ مَسْلُولاً اغْرَوْرَقَتْ أَعْيُنُهُمَا، وَقَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى السُّوقِ وَاسْتَمْتِعْ بِأَثْمَانِنَا، وَلَا تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ غَداً. فَقَال:َ لَا وَلَكِنْ أَقْتُلُكُمَا، وَأَذْهَبُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، وَآخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَيْنِ. فَقَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، أَمَا تَحْفَظُ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ(ص)؟ فَقَالَ: مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ قَرَابَةٌ. قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، فَائْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ. قَالَ: مَا بِي إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا. قَالا لَهُ: يَا شَيْخُ، أَمَا تَرْحَمُ صِغَرَ سِنِّنَا! قَالَ: مَا جَعَلَ اللهُ لَكُمَا فِي قَلْبِي مِنَ الرَّحْمَةِ شَيْئاً، قَالا: يَا شَيْخُ، إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ، فَدَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ. قَالَ: فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى السَّمَاءِ فَنَادَيَا: يَا حَيُّ يَا حَكِيمُ، يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ، احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ بِالْحَقِّ. فَقَامَ إِلَى الْأَكْبَرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَخَذَ بِرَأْسِهِ وَوَضَعَهُ فِي الْمِخْلَاةِ، وَأَقْبَلَ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ يَتَمَرَّغُ فِي دَمِ أَخِيهِ وَهُوَ يَقُولُ: حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللهِ(ص) وَأَنَا مُخْتَضِبٌ بِدَمِ أَخِي. فَقَالَ: لَا عَلَيْكَ سَوْفَ أُلْحِقُكَ بِأَخِيكَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْغُلَامِ الصَّغِيرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ وَوَضَعَهُ فِي الْمِخْلَاةِ، وَرَمَى بِبَدَنِهِمَا فِي المَاءِ، وَهُمَا يَقْطُرَانِ دَماً، وَمَرَّ حَتَّى أَتَى بِهِمَا عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ، وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ، وَبِيَدِهِ قَضِيبُ خَيْزُرَانٍ، فَوَضَعَ الرَّأْسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثَلَاثاً. ثُمَّ قَالَ: الْوَيْلُ لَكَ أَيْنَ ظَفِرْتَ بِهِمَا؟ قَالَ: أَضَافَتْهُمَا عَجُوزٌ لَنَا، قَالَ: فَمَا عَرَفْتَ حَقَّ الضِّيَافَةِ! قَالَ: لَا. قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ؟ قَالَ: قَالا: يَا شَيْخُ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى السُّوقِ فَبِعْنَا فَانْتَفِعْ بِأَثْمَانِنَا، فَلَا تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ(ص) خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُمَا؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَأَنْطَلِقُ بِرَأْسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ، وَآخُذُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ. قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ؟ قَالَ: قَالا: ائْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ. قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا، قَالَ: أَفَلَا جِئْتَنِي بِهِمَا حَيَّيْنِ فَكُنْتُ أُضَاعِفُ لَكَ الْجَائِزَةَ، وَأَجْعَلُهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. قَالَ: مَا رَأَيْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً إِلَّا التَّقَرُّبَ إِلَيْكَ بِدَمِهِمَا، قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً؟ قَالَ: قَالا: يَا شَيْخُ، احْفَظْ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ. قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُمَا؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ مِنْ قَرَابَةٍ. قَالَ: وَيْلَكَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً؟ قَالا: يَا شَيْخُ، ارْحَمْ صِغَرَ سِنِّنَا. قَالَ: فَمَا رَحِمْتَهُمَا؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا جَعَلَ اللهُ لَكُمَا مِنَ الرَّحْمَةِ فِي قَلْبِي شَيْئاً. قَالَ: وَيْلَكَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً؟ قَالَ: قَالا: دَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ، فَقُلْتُ: فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. قَالَ: فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمَا؟ قَالَ: رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالا: يَا حَيُّ يَا حَكِيمُ، يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ، احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ بِالْحَقِّ. قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ: فَإِنَّ أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَكُمْ، مَنْ لِلْفَاسِقِ؟ قَالَ: فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: أَنَا لَهُ. قَالَ: فَانْطَلِقْ بِهِ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْغُلَامَيْنِ، فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَلَا تَتْرُكْ أَنْ يَخْتَلِطَ دَمُهُ بِدَمِهِمَا، وَعَجِّلْ بِرَأْسِهِ. فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، وَجَاءَ بِرَأْسِهِ فَنَصَبَهُ عَلَى قَنَاةٍ، فَجَعَلَ الصِّبْيَانُ يَرْمُونَهُ بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا قَاتِلُ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ(ص)»(1). استُشهدا(عليهما السلام) عام 62ﻫ، ودُفنا على بُعد ثلاث كيلو مترات من مدينة المسيّب في العراق، وقبرهما معروف يُزار. |
رد: ذكرى شهاة اولاد مسلم بن عقيل ع 23 ذي الحجة سنة 62 للهجرة
بارك الله فيك أخي
|
رد: ذكرى شهاة اولاد مسلم بن عقيل ع 23 ذي الحجة سنة 62 للهجرة
شكر الله سعيك وجزاك خيرا
|
الساعة الآن 11:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات فنان سات
www.fanansatiraq.com