حقق المسلسل الإسباني La casa de papel -أو Money Heist- نجاحاً مذهلاً خلال السنوات القليلة الماضية حتى صُنف كأكثر مسلسل غير ناطق بالإنجليزية مشاهدة عبر شبكة عزيزى العضو \ الزائر لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الرد، وقد أعاد ذلك العمل المسلسل الشهير prison break للأذهان وتسبب ذلك في حالة من الجدل بين مُتابعي الأعمال التلفزيونية، وقاد البعض لعقد المقارنات بين العملين وخاصة بين الشخصيتين الرئيسيتين “البروفيسور” و”مايكل سكوفيلد”.
كانت الغاية من تلك المقارنات هو تحديد أي العملين أفضل خاصةً أن مسلسل prison break يعد عملاً أسطورياً وأحد أكثر الأعمال جماهيريةً في تاريخ التلفزيون، لسنا هنا بصدد حسم تلك المقارنة أو الانتصار لأحد العملين على الآخر، إنما نحاول التعرف على أسبابها من خلال رصد نقاط التلاقي بينهما -رغم اختلافهما كلياً- التي تجعل كل منهما مثالياً للمشاهدة بالنسبة لمن أحب المسلسل الآخر. بين مسلسل La casa de papel ومسلسل prison Break
ينتمي كل من المسلسلين إلى فئة أعمال الجريمة والإثارة وتدور أحداث prison break حول المهندس المعماري الفذ “مايكل سكوفيلد” الذي يرتكب جريمة سطو متعمداً القبض عليه وإيداعه سجن “فوكس ريفر” مشدد الحراسة، وغايته من ذلك مساعدة شقيقه “لينكون بوروز” -المتهم بقتل شقيق نائبة الرئيس الأمريكي- على الهرب قبل تنفيذ حكم الإعدام من خلال خطة مُحكمة خبأ تفاصيلها ضمن وشم رسمه على جسده.
بينما تدور أحداث مسلسل La casa de papel حول “البروفيسور” الذي يجمع فريقاً من الخارجين على القانون من أجل تنفيذ عملية سطو -هي الأكبر في تاريخ إسبانيا والاتحاد الأوروبي- تهدف إلى اقتحام مبنى “دار سك العملة الملكية بإسبانيا” والاستيلاء على مئات ملايين اليورو وذلك من خلال خطة مُحكمة استغرق فترة طويلة لإعدادها من أجل سد جميع الثغرات المحتملة.
رغم الاختلاف الجذري بين الفكرة القائم عليها كل من المسلسلين والحبكة التي يتبعها إلا أن هناك العديد من التشابهات أو بالأحرى نقاط التلاقي بينهما، التي كانت سبباً في دفع البعض لعقد المقارنات بينهما والتي يمكن إيجاز أبرزها في النقاط التالية. متعة الألعاب العقلية
التشابه الأول والرئيسي والأكثر لفتاً للنظر بين مسلسل prison break ومسلسل La casa de papel أن الذكاء الفذ هو مصدر قوة الشخصيات الرئيسية، فهذا ما مَكن “مايكل سكوفيلد” من تنفيذ خطته بالمسلسل الأول وهو ما جعل “البروفيسور” قادراً على التلاعب بأجهزة أمنية كاملة في المسلسل الثاني.
لعل ما يميز كلا المسلسلين إن الذكاء لم يكن حكراً على الأبطال وحدهم، إنما تواجدت شخصيات حادة الذكاء أيضاً على الجانب الآخر مثل العميل “أليكسندر ماهون” ابتداءً من الموسم الثاني لمسلسل prison break والمحققة “راكيل موريرو” ثم المحققة “إليثيا سيرا” ضمن أحداث La casa de Papel، وهذا جعل أحداث المسلسلين أقرب إلى مباراة الشطرنج ورغم احتواء كلاهما على قدر لا بأس به من مشاهد الحركة والإثارة إلا أنهما اتبعا قاعدة البقاء للأدهى وليس للأقوى. الإثارة خلف الأسوار
ثاني أبرز التشابهات بين مسلسل La casa de papel ومسلسل prison break هو أن معظم مشاهدهما قد دارت داخل أماكن مغلقة، فالأبطال دائماً في حالة حصار إما داخل السجون أو في قلب المواقع التي يقومون بالسطو عليها، رغم أن ذلك في المُعتاد يُشكل قيداً على مُبدعي المسلسلات وبالأخص الكُتّاب لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لمُبدعي هذين العملين.
ضيق النطاق الذي تجري به الأحداث لم يُمثل مشكلة بالنسبة لمُبدعي المسلسل بأنهم استغلوا ذلك الوضع لصالحهم وتمكنوا من خلاله تقديم جرعة زائدة ومكثفة من الإثارة والتشويق، مع التواجد الدائم لعدد أقل من الشخصيات خارج ذلك النطاق نتابع من خلالهم مجريات الأمور خارج الأسوار ويتولون تنفيذ بعض الخطط الفرعية المُكملة للخطة الرئيسية، مثل “البروفيسور” في La casa de papel و”لينكون بوروز” بالموسم الثالث من prison Break، قد نجحت تلك التوليفة لكلا العملين مكاناً ضمن قوائم أفضل الأعمال التلفزيونية من تلك الفئة. براعة التخطيط واشكالية التنفيذ!
تقوم فكرة كل من مسلسل prison break ومسلسل La casa de papel حول قيام شخص ما بإعداد خطة مُحكمة لغرض محدد، مثل الهروب من داخل السجن بالمسلسل الأول أو السطو على أحد المؤسسات الحكومية بالثاني، عادةً ما تكون الخطة مرسومة بدقة مُتناهية وشبه خالية من الثغرات باستثناء ثغرة واحدة فقط وهي “البشر”، ذلك العامل المُتغير الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته أو توقع ردود أفعاله.
يتمحور الصراع الرئيسي في كلا العملين حول محاولة مُنفذي الخطة في دفعها إلى مسارها الصحيح في مواجهة تدخلات بعض العناصر الخارجة عنها غير المتوقعة، مثل شخصيتي “تي باج” و”بيليك” في مسلسل prison break أو شخصيتي “أرتورو رومان” و”أنخل” في مسلسل La casa de Papel، قد كانت تلك الورقة رابحة على الدوام في كلا المسلسلين وزادت من حدة التوتر وبالتالي زادت من ترقب المشاهد للأحداث التالية. الشخصيات المساندة والثانوية
هناك مثل شعبي مصري يقول “المصالح تتصالح” ومثل آخر يقول “من عاشر القوم صار منهم” ويمكن القول بأن هذين المثلين يلخصان شكل العلاقة بين الشخصيات الرئيسية في كلا المسلسلين prison break وLa casa de Papel، فالأمر يبدأ دائماً بتجمع عدد من الشخصيات -غير المتوافقة بالضرورة- من أجل هدف مشترك، لكن مع توالي الأحداث تتوطد العلاقات وتصبح أكثر عمقاً.
نخلص من ذلك إلى أن التركيز على الجانب المثير متمثلاً في الخطة الموضوعة وطريقة تنفيذها لم يدفع كُتّاب العملين لإهمال الجانب الدرامي، بل أولوا اهتماماً بالغاً بتوضيح طبيعة العلاقات بين الشخصيات المتباينة بصورة كبيرة وعملوا على تطويرها بشكل تدريجي، الأهم أنهم استغلوا ذلك في دعم ذاك، أي أن تطور علاقات الشخصيات ساهم بشكل ما في رفع مستوى الإثارة مثال ذلك علاقة “مايكل سكوفيلد” بكل من “سارة تانكريدي” و”فرناندو سوكري” في prison break وعلاقة “طوكيو” و”ريو” وعلاقة “البروفيسور” و”راكيل” في La casa de Papel.
تكرار الهروب وتعدد الاقتحامات
تشابه آخر يجمع بين المسلسلين وهو القابلية للتطور والتجديد وفي ذات الوقت الحفاظ على الطابع المميز للمسلسل واستغلال نقاط القوة التي كانت سبباً في نجاح مواسمه الأولى، يتمثل ذلك في تعدد عمليات الهروب في مسلسل prison break وكذا تكرار عمليات السطو في مسلسل La casa de Papel.
أبرز ما يميز المسلسلين هو خلق الذرائع ووضع الشخصيات في مواقف تدفعهم لتكرار التجربة بشكل مختلف حتى لو كان ذلك على عكس رغبتهم، لكن ربما كان مسلسل La casa de papel موفق بدرجة أكبر في تلك النقطة تحديداً مقارنة بمسلسل prison break حتى الآن على الأقل، نظراً لأن عملية السطو الثانية على “بنك إسبانيا” أكثر قوة وإثارة بينما يظل الهروب الأول من خلف جدران “فوكس ريفر” هو الأفضل.
في الختام لا يمكننا القول أي العملين أفضل من الآخر خاصة أن أحدهما -وهو La casa de Papel- غير مُكتمل بينما الثاني -أي prison Break- انتهى رسمياً بعد الموسم الرابع وأُعيد إحياؤه بعد عدة سنوات بموسم خامس وهناك احتمالية لتقديم موسم سادس منه بالفترة المقبلة، بالتالي فإن الصورة غير مكتملة والمقارنة بكل المقاييس لن تكون عادلة.
ما نريد قوله هو أن المسلسلين رغم اختلافهما ينتميان لذات الفئة وبينهما العديد من القواسم المشتركة، وبناءً على ذلك فإن من أحب prison break يمكن استعادة مشاعر المشاهدة الأولى -المفعمة بالترقب والإثارة- بمشاهدته لمسلسل La casa de papel حتى لو لم يرقه بنفس القدر، أما من أعجب بنمط مسلسل La casa de papel عليه العلم بأنه أهدر فرصة مشاهدة مسلسل رائع بكل المقاييس هو prison Break.
التعليمات الإدارية
نور المنتدى بالعضو الجديد
« آخـــر الــمــواضــيــع »
23-11-2019, 10:50 AM
لماذا على محبي Prison Break عدم تفويت La Casa de Papel والعكس؟
العرض العادي
