روى الشيخ المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد بن الحسن الجوهري ، عن الاشعري ، عن البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن كثير النوا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : في اليوم السابع والعشرين من رجب نزلت النبوة على رسول الله صلى الله عليه وآله قال علي بن محمد عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما ترك التجارة إلى الشام ، وتصدق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك التجارات كان يغد وكل يوم إلى حراء يصعده وينظر من قلله إلى آثار رحمة الله ، وإلى أنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته ، وينظر إلى أكناف السماء وأقطار الارض والبحار والمفاوز والفيافي ، فيعتبر بتلك الآثار ، ويتذكر بتلك الآيات ، ويعبد الله حق عبادته ، فلما استكمل أربعين سنة ونظر الله عزوجل إلى قلبه فوجده أفضل القلوب وأجلها وأطوعها وأخشعها وأخضعها أذن لابواب السماء ففتحت ومحمد ينظر إليها ، وأذن للملائكة فنزلوا ومحمد ينظر إليهم ، وأمر بالرحمة فانزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد وغرته ، ونظر إلى جبرئيل الروح الامين المطوق بالنور طاووس الملائكة هبط إليه وأخذ بضبعه وهزه وقال : يا محمد اقرء ، قال : وما أقرء ؟ قال يا محمد " اقرء باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرء وربك الاكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم " ثم أوحى إليه ما أوحى إليه ربه عزوجل ثم صعد إلى العلو ونزل محمد صلى الله عليه وآله من الجبل وقد غشيه من تعظيم جلال الله وورد عليه من كبير شأنه ماركبه الحمى والنافض يقول وقداشتد عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره ونسبتهم إياه إلى الجنون ، وإنه يعتريه شياطين ، وكان من أول أمره أعقل خلق الله ، وأكرم براياه ، وأبغض الاشياء إليه الشيطان وأفعال المجانين وأقوالهم ، فأراد الله عزوجل أن يشرح صدره ، ويشجع قلبه ، فأنطق الله الجبال والصخور والمدر ، وكلما وصل إلى شئ منها ناداه : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا رسول الله أبشر ، فإن الله عزوجل قد فضلك وجملك و زينك وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من الاولين والآخرين ، لا يحزنك أن تقول قريش إنك مجنون ، وعن الدين مفتون ، فإن الفاضل من فضله رب العالمين ، والكريم من كرمه خالق الخلق أجمعين ، فلا يضيقن صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك ، فسوف يبلغك ربك أقصى منتهى الكرامات ، ويرفعك إلى أرفع الدرجات ، وسوف ينعم ويفرح أولياءك بوصيك علي بن أبي طالب ، وسوف يبث علومك في العباد والبلاد بمفتاحك وباب مدينة حكمتك : علي بن أبي طالب ، وسوف يقر عينك ببنتك فاطمة ، وسوف يخرج منها ومن علي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وسوف ينشر في البلاد دينك وسوف يعظم اجور المحبين لك ولاخيك ، وسوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك علي ، فيكون تحته كل نبي وصديق وشهيد ، يكون قائدهم أجمعين إلى جنات النعيم ، فقلت في سري : يا رب من علي بن أبي طالب الذي وعدتني به ؟ - وذلك بعد ما ولد علي عليه السلام وهو طفل - ، أهو ولد عمي . وقال بعد ذلك لما تحرك علي وليدا وهو معه : أهو هذا ففي كل مرة من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال ، فجعل محمد في كفة منه ، و مثل له علي عليه السلام وسائر الخلق من امته إلى يوم القيامة في كفة فوزن بهم فرجح ، ثم اخرج محمد من الكفة وترك علي في كفة محمد التي كان فيها فوزن بسائر امته فرجح بهم وعرفه رسول الله بعينه وصفته ونودي في سره : يا محمد هذا علي بن أبي طالب صفيي الذي أؤيد به هذا الدين ، يرجح على جميع امتك بعدك ، فذلك حين شرح الله صدري بأداء الرسالة ، وخفف عني مكافحة الامة ، وسهل علي مبارزة العتاة الجبابرة من قريش .
عن أبي المفضل قال : حدثنا محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاث مائة قال : حدثنا محمد بن حيد الرازي ، عن سلمة بن الفضل الابرش ، عن محمد بن إسحاق : عن عبدالغفار بن القاسم ، قال أبوالمفضل : وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي - واللفظ له - عن محمد بن الصباح الجرجرائي ، عن سلمة بن صالح الجعفي ، عن سليمان الاعمش وأبي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو ، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله : " وأنذر عشيرتك الاقربين دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي يا علي إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتك الاقربين قال : فضقت بذلك ذرعا ، وعرفت أني متى اباديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره ، فصمت على ذلك وجاءني جبرئيل فقال : يا محمد إنك إن لم تفعل ما امرت به عذبك ، ربك فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، وملا لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبدالمطلب حتى اكلمهم وابلغهم ما امرت به ، ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم أجمع وهم يؤمئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فيهم أعمامه أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب ، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعت له فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وآله جذمة من اللحم فنتفها بأسنانه ، ثم ألقاها في نواحى الصفحة ، ثم قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتى صدروا مالهم بشئ من الطعام حاجة وما أرى إلا مواضع أيديهم وايم الله الذي نفس علي بيده أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعها ، وايم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكلمهم بدره أبولهب إلى الكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال لي من الغد : يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن اكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ، ثم أجمعهم لي ، قال : ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته لهم ، ففعل كما فعل بالامس وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة ، ثم قال : اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا ، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا بني عبدالمطلب إني والله ماأعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله عزوجل أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي ؟ قال : فأمسك القوم ، وأحجموا عنها جميعا ، قال : فقمت وإني لاحدثهم سنا وأرمصهم عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم ساقا ، فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به ، قال : فأخذ بيدي ، ثم قال : إن هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع .