«ليلة سقوط بغداد»، «يوم التحرير»، «احتلال العراق»..
اختلفت المسميات لليلة تصدر فيها مشهد ظل عالقا في الأذهان، لسقوط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد في التاسع من أبريل/نيسان عام 2003، ورفع العلم الأمريكي على حطامه إعلانا للسيطرة الكاملة على العاصمة العراقية بعد اختفاء قوات الجيش العراقي الذي تخلى عن مقاومة القوات الأمريكية. ورغم مرور 17 عاما على سقوط نظام صدام حسين، فإن الوضع في العراق لم يصبح أفضل بكثير مما كان في عهده، حيث يرى محللون أن غزو العراق كان ضمن خطة أمريكية لتغيير خريطة الشرق الأوسط التي استكملت بأحداث ما يعرف بالربيع العربي. وبدأت عملية حرب العراق في 20 مارس عام 2003، وانتهت الحرب رسميا في 15 ديسمبر 2011، بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 ديسمبر 2011. بعد ثلاثة أسابيع من بداية الحرب، بدأت القوات الأمريكية تحركها نحو بغداد، الذي ظل صدام حسين يتغنى بأنها ستكون «مقبرة الغزاة». وفي 5 أبريل 2003، قامت 29 مدرعة أمريكية و 14 مدرعة نوع برادلي بشن هجوم على مطار بغداد الدولي فيما عرف بـ «معركة المطار» التي شهدت مقاومة شديدة من قبل وحدات الجيش العراقي، في ظل عدد من العمليات الانتحارية ومنها عمليتان قامتا بهما سيدتان عراقيتان كانتا قد أعلنتا عن عزمهما بالقيام بها من على شاشة التلفزيون العراقي. في 7 أبريل، قامت قوة مدرعة أخرى بشن هجوم على القصر الجمهوري واستطاعت من تثبيت موطأ قدم لها في القصر ما أدى لانهيار كامل لمقاومة الجيش العراقي في ظروف غامضة، وسط مزاعم بأن قيادات الجيش الأمريكي تمكنت من إبرام صفقات مع بعض قيادات الجيش العراقي الذي اختفى فجأة. في 9 أبريل، أعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم المناطق، ونقلت مشاهد لعراقيين يحاولون الإطاحة بتمثال للرئيس العراقي صدام حسين بمساعدة من ناقلة دبابات أمريكية، ودخلت القوات الأمريكية مدينة كركوك في 10 أبريل وتكريت في 15 أبريل. أسباب الحرب حسب الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، حينها، فإن مهمة التحالف الذي قادته أمريكا «تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل، ووضع حد للدعم الذى يقدمه صدام حسين إلى الإرهاب وتحرير الشعب العراقى»، وهي الأسباب التي اعترف بلير بأنها كانت واهية، وذلك في تصريحات مثيرة للجدل، جاءت بعد الغزو، حيث أعرب توني بلير عن ندمه بشأن «الحرب علي العراق، التي امتدت تداعياتها إلي معظم دول المنطقة وحصدت مئات الآلاف من القتلى وخلفت بلدا مدمرا تتآكله الصراعات الداخلية، بنيت علي معلومات استخباراتية خاطئة»، مؤكدا أنه كان هناك «بعض الأخطاء في التخطيط، وبالتأكيد أخطأنا في فهم ما سيحدث بمجرد الإطاحة بالنظام»، مصرًا على أنه لم يندم للإطاحة بالرئيس صدام حسين لأن «عدم وجوده كان الأفضل». سجن أبو غريب فضلا عن الدمار الذي لحق بـ «بلاد الرافدين» نتيجة الغزو، فإن فضيحة سجن أبو غريب كانت علامة مروعة، حيث شوهدت صور تبين طرق تعذيب المعتقلين العراقيين وإذلالهم وتصويرهم عراة من قبل الجنود الأمريكيين، إلا أن جماعات مسلحة استهدفت السجن بسيارات مفخخة محررة أكثر من 150 سجين. بعد سقوط بغداد، انتشرت عمليات النهب والسلب، حيث قامت القوات الأمريكية بحماية وزارتي النفط والداخلية فقط، فيما تعرضت مبان أخرى حيوية للسرقة في مقدمتها سرقة 170 ألف قطعة أثرية من المتحف الوطني العراقي، وآلاف الأطنان من الذخيرة الحربية من معسكرات الجيش العراقي، حيث أثبتت تقارير استخباراتية أن تلك الأسلحة تمثل الجزء الأكبر من قوة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا في الوقت الحالي. وانهت العملية العسكرية التي اعقبها سقوط نظام صدام أكثر من 30 عاما من حكمه العراق. وفي التاسع من نيسان من العام ذاته سقطت بغداد بعد أن دخلها الجيش الأميركي لتنصب الإدارة الأميركية بعدها بول بريمر حاكما للعراق، الذي كانت أولى قراراته حل الجيش العراقي. وبعد 13 عاما من الذكرى لا تزال الأزمة السياسية تراوح مكانها في العراق الذي ينهشه الإرهاب. وبات العراق اليوم تتنازعه أطماع دول إقليمية ودولية، وساحة لحروب بالوكالة، ونهبا لجماعات متطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية الذي قضم أجزاء واسعة من البلاد بغية إقامة دولة الخلافة فيها.